البنت العنيدة
في أحد أيّام الربيع الدافئة، خرجت فتاة جميلة صغيرة من بيت والديها القريب من الحقول، لتجمع منها باقة زهر لوالدتها، تزيّن بها قاعة الاستقبال.
في أثناء الطريق كانت تميل إلى اليمين تارةً، وطورًا إلى اليسار، تلعب وتغنّي فرحة، هنا تقطف أقحوانة وهناك شُقيقة وهنالك وردةً برِّيّة، وظلّت سائرة حتّى وصلت إلى قرب سياج يحاوط أحد البساتين، فرأت أزهار البنفسج وعصا الراعي، فالتقطت منها باقة، وفيما هي تدنو من السياج ناداها أحد الفلاّحين القريب منها قائلًا:
أيّتها الإبنة الجميلة الساحرة، يا ذات العينين الزرقاوين والجدائل الشقراء الطويلة، إيّاكِ أن تقربي من السياج، فإنّ فيه حيّات سامّةً خطرة، تختبىء تحت الأعشاب وبين الأشواك.
شكرت الإبنة الفلّاح على تنبيهه، وأرادت أن تعود بباقتها إلى أمّها، ولكنّها غرّرت بها زهرات جميلات من البنفسج، بادية من خلال السياج، وطمعت في ضمِّها إلى رفيقاتها من زهرات الباقة، فعادت إليها مسرعة، ودنت كثيرًا من السياج حتّى غمرت الأعشاب ساقيها، انحنت نحو الزهرات المغريات لتلتقطها ولكن ما كادت تنهض بها حتّى فحّت أفعى في وجهها وساورتها، ولفّت على ذراعها الناعمة البضَّة ولدغتها لدغة قاتلة، فألقت بالباقة على الأرض، وهرعت نحو الفلّاح الذي عصيت نصيحته وأخذت تستغيث، فركض إليها وحملها متَّجهًا إلى المستشفى القريب من ذلك المكان، ولكنّها أغمضت عينيها الحلوتين بين يديه وفارقت الحياة. ولم يرها أهلها إلّا جثَّة باردة هامدة، فذرفوا الدموع السَّخيَّة على جمالها الساحر وشبابها الناضر ولكن لم يُجْدِهم ذلك شيئًا.
المغزى:
- - كثر الطمع ضرّ ما نفع.
- - اقنع بالقليل تبعد عنك الألم الكثير.
- - من انقاد لشهواته قادته إلى نهايته.
يوسف س. نويهض